السفير الأمريكي بصنعاء:تنازلات الرئيس تؤسس للحواروالشعب هو الحكم والتغيير يجب أن يأتي سلميا Bookmark and Share
التاريخ : 12-03-2011 اعتبر سفير الولايات المتحدة الأميركية في اليمن جيرالد فايرستاين أن التنازلات التي قدمها الرئيس علي عبد الله صالح والالتزامات التي تعهد بها في الثاني من فبراير تشكل أساساً جيداً للعودة إلى الحوار. وأضاف السفير أن الرئيس صالح والمعارضة وضعا أفكارهما على الطاولة، ويجب أن يكون هناك حوار وتفاوض حول هذه الأفكار وكيفية إيجاد حلول يقبلها كلاهما، منوهاً باحتمالات العنف واستفادة "القاعدة" منها حال فشل الحوار، مؤكداً أن الجلوس على مائدة الحوار هو السبيل الأمثل لحل المشاكل السياسية وليس التظاهرات، مشيراً في الوقت ذاته إلى أهمية استيعاب الشباب في المفاوضات والعملية الديمقراطية كلية. وأكد أن فكرة إسقاط النظام لا تستجيب للمشاكل. والتحديات تتضاعف في اليمن، متمنياً أن يصل اجتماع أصدقاء اليمن في الرياض أواخر مارس الحالي وقد بدأ حل التحدي السياسي. وزاد السفير الأميركي في تأكيد موقف بلاده الداعم لوحدة اليمن وقال: "إننا لا نؤيد أي انفصال فوجهة نظرنا هي أن قرار توحيد اليمن قد اتخذ في عام 1990، وغير قابل للنقاش".

وفيما يلي نص الحوار:
* تجرى هذه المقابلة لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) وصحيفة "السياسية"، ونبدأها مع سعادتكم بالحديث عن التحذيرات الرسمية الأخيرة التي صدرت من الإدارة الأميركية إلى المواطنين الأميركيين بعدم المغادرة إلى اليمن، ودعوة المقيمين هنا في التفكير في المغادرة، والدافع إلى هذا السؤال اعتقادكم بأن الدبلوماسية تحدث فرقاً كبيراً في حياة الشعوب، فكيف يمكنكم إحداثه لإيجاد مستقبل أكثر أماناً للبلدين الصديقين والشعبين بتخفيف حدة القلق الأميركي من الوضع اليمني؟

- دعنا نبدأ من موضوع التحذير الذي أصدرناه للرعايا الأميركيين. أريد أن أؤكد أننا أصدرنا هذا التحذير كإجراء احترازي فقط، ففي الوقت الراهن لا نرى أن شيئاً قد غير الوضع، لكننا قلقون بطبيعة الحال من احتمال تفاقم الأمور. وكما ذكرنا في بيان التحذير الذي أصدرناه أننا في حالة تدهور الأوضاع قد توجد صعوبات أمام أولئك الذين يريدون المغادرة بأمان. ونحن بالطبع نعمل بجد لضمان عدم تفاقم الوضع. ونشجع أصدقائنا في الحكومة والمعارضة من أجل العمل للحيلولة دون حدوث ذلك. ولكن يتوجب أن يكون بمقدورنا التجاوب في الحالات الطارئة. وقد التقيت بوزير الخارجية أبوبكر القربي يوم أمس وناقشنا موضوع التحذير، وأكدت له بأن السفارة لن تغلق أبوابها، وأن كل البرامج التي نعكف عليها ستستمر.

*وهذا هو دور الدبلوماسية...؟

- أعتقد أن الدور الحالي الذي تضطلع به السفارة الأميركية وغيرها من السفارات هو مثال جيد لأهمية الانخراط الدبلوماسي في هذه القضايا. فالأمن والاستقرار في اليمن قضيتان مهمتان جداً للولايات المتحدة. ووجهة نظرنا، من قبل حدوث التطورات الراهنة في المنطقة، أن المفتاح لضمان اليمن بلداً مستقراً وآمناً ومزدهراً في المستقبل يتطلب تعاوننا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار السياسي. ولقد استخدمنا علاقاتنا الجيدة مع الحكومة وأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم لتشجيعهم على مواصلة الحوار لحل القضايا.

دلائل قوة.. وتشجيع

* في الأسابيع الأولى من تسلمك مهام عملك سفيراً للولايات المتحدة لدى اليمن الموحدة، وصفت العلاقات بأنها أكثر قوة من ذي قبل، والآن بعد شهور شهدت تطورات مهمة من أزمة الطرود المفخخة وتفهمكم لطبيعتها ووضع اليمن فيها، وبعدها تسريبات "ويكيليكس" وزيارة وزيرة الخارجية كلينتون ومؤتمرات مشتركة ودعوة زيارة رئاسية ومفاجأة تأجيلها، وأخيراً الأحداث المتلاحقة وتصريحات رسمية ساء فهمها – فكيف تصف العلاقات مع كل ذلك بعد شهور من تصريحك الأول بأنها أكثر قوة؟

- أعتقد أن كل هذا في الواقع دليل على قوة العلاقة والتزامنا بتعزيز مستوى التعاون بين بلدينا، ليس فقط على مستوى الحكومتين بل أيضاً على مستوى الشعبين. وقد كانت زيارة وزيرة الخارجية كلينتون لليمن خطوة مهمة جداً في هذا الاتجاه، ليس فقط لأنها التقت بالرئيس صالح وكبار مسئولي الحكومة، لكنها عقدت اجتماعاً موسعاً في فندق موفنبيك كان بمثابة فرصة لها للتحدث مباشرةً إلى المجتمع المدني والعديد من الشخصيات في البلاد، وكذا الاستماع إلى أسئلتهم وقضاياهم. والدور الذي نحاول أن نلعبه الآن في التشجيع على الحوار والمفاوضات لحل المشاكل السياسية اليمنية يصب أيضاً في نفس الاتجاه. عندما وصلت اليمن لأول مرة في الخريف الماضي، عملنا بجد لمحاولة التوضيح للشعب اليمني أن اهتمامات الولايات المتحدة في اليمن أوسع بكثير من جهودنا المشتركة لمكافحة الإرهاب. ولا يزال هذا وإلى حدٍ كبير جزءاً من الجهود التي نقوم بها للمشاركة بإيجابية مع الشعب اليمني للعمل على القضايا الأكثر أهمية للشعب اليمني، وهي الآن بالطبع المواجهة السياسية ولكن أبعد من ذلك القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على غالبية اليمنيين.

علاقات الشعوب أقوى.. والتفاصيل سرية

* طالما ذكرتم زيارة الوزيرة كلينتون والتعاون المشترك بين البلدين، تخللت تصريحات السيدة كلينتون ما تفضل به السفير أن الالتزام الأميركي للشعب اليمن للتعاون ودعم الاستقرار والوحدة، وأن بلدكم الصديق لا يكتفي بعلاقات رسمية بين الحكومتين وإنما الشعبين – ما هي سبل تحقيق هذه العلاقة وما رؤيتكم لتمهيدها أو شقها دون هز للعلاقات الرسمية؟

- نرى، وبطبيعة الحال هي وجهة نظرنا بالنسبة للعلاقات الدولية في جميع أنحاء العالم أنها تكون حقاً بين الشعوب وكذلك بين الحكومات. ونعتقد أن العلاقات القوية بين الشعوب تسهم بالفعل بتقوية العلاقات بين الحكومات. فعلى سبيل المثال، تحدثت في الندوة التي نظمتها جامعة الدفاع الوطني بصنعاء قبل أسبوعين، وذكرت، على سبيل المثال، لن يكون بإمكاننا تنفيذ برامج المساعدات الاقتصادية لو لم نتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في اليمن. ونحن ندرك أن مصالحنا المشتركة في تعزيز الأمن والاستقرار هنا في اليمن لا تشمل فقط المساعدات الأمنية، بل تشمل أيضاً المساعدات الاقتصادية. ومرةً أخرى، فهذه المساعدات المقدمة للشعب اليمني تهدف إلى تحقيق أهداف الشعب اليمني وضمان حصولهم على فرص اقتصادية جيدة ومؤسسات اجتماعية قوية في المستقبل. لذلك فان قدرتنا على الاحتفاظ بعلاقات قوية مع الحكومة اليمنية تعتمد على قوة علاقتنا مع الشعب اليمني.

* في ذات إطار زيارة السيدة كلينتون وجهودكم بالنسبة للحوار واللقاءات مع شخصيات سياسية، التقت السيدة كلينتون بحضوركم بمسؤولين رسميين ومنظمات مدنية وصدرت بيانات رسمية عن هذه اللقاءات عبر سفارتكم وعبر وسائل الإعلام الرسمية عدا لقائها بالمعارضة، لماذا لم يصدر عنكم بياناً بذلك أم ننتظر تسريبات "ويكيليكس"؟

- (سائلاً المسؤولين الإعلاميين بالسفارة) ألم نذكر لقاء المعارضة في بياننا الختامي؟ نعم ذكرنا ذلك.

* وقد سبق للسفير القول بإحدى محاضراته عن تسريبات "ويكيليكس" الحفاظ على قدر من السرية حتى يكون الإخوة مرتاحين، فهل هذا حتى تكون المعارضة مرتاحة؟

- بالتأكيد لم يكن هناك ما نخفيه حول لقائنا بالمعارضة. ونحن نعتقد أن الالتقاء بالمعارضة ليس هنا فقط بل في جميع أنحاء العالم يشكل جزءاً هاماً في قدرتنا على توضيح ماهية السياسة الأميركية وكذا الاستماع لوجهات نظرهم وأفكارهم. وتوقعاتنا أن في الولايات المتحدة نفسها، تجتمع السفارات الموجودة في الولايات المتحدة مع المعارضة السياسية للبيت الأبيض (يضحك)... وهذا جزء من مسؤوليتنا جميعاً كدبلوماسيين، فنحن منفتحون جداً حيال ذلك. ولكن بطبيعة الحال فنحن نعتقد أن تفاصيل نقاشاتنا، إن لم تكن علنية مثل اجتماعنا في فندق موفنبيك، ينبغي أن تظل سرية أو طي الكتمان. كما ينبغي أن يشعر الناس بالثقة بأن ما يقولونه لنا بشكل سري سيبقى سرياً.

تنازلات تؤسس للحوار

* تؤكدون على تركيز جهودكم بدفع الأحزاب نحو الحوار لحل المشاكل، خاصة في ظل الظروف المحيطة والملهمة لمبادرات مهمة تواجه استجابة ضعيفة في اعتقادي الشخصي، وفي اعتقاد البعض يتضاءل الأمل في دوركم إزاء التشجيع على إحداث تسوية سياسية رحبت بها إدارتكم، إذ لم يبرز تأثيركم كثيراً في هذا الجانب، فما قولكم؟

- نحن نؤمن، ولا نزال نؤمن بأن التنازلات التي قدمها الرئيس صالح والالتزامات التي تعهد بها في الثاني من فبراير تشكل أساساً جيداً للعودة إلى الحوار. ولا يزال هذا هو رأينا لم يتغير. وكما قلت فقد خلق الوضع في المنطقة مستوى معين من التوقعات هنا في صنعاء، لكن هذا لم يغير من فكرتنا الأساسية، وهي وجود حوار وتفاوض واتفاق بين مختلف الأطراف حول كيفية المضي قدماً. فقد وضع الرئيس (صالح) أفكاره على الطاولة، كما وضعت المعارضة من جانبها منذ أيام بعض الأفكار على الطاولة. والآن على الأقل لدينا فهماً لمواقف الأطراف المتعددة. ولكن الآن يجب أن يكون هناك حوار، يجب أن يكون هناك تفاوض حول هذه الأفكار وكيفية إيجاد حلول تقبلها المعارضة والحكومة. ولقد كان هذا بالفعل دأب الولايات المتحدة والسفارة، من قبل الأحداث في تونس في يناير، إذ يعود إلى العام الماضي، فقد ركزنا جهودنا على تشجيع الطرفين على الجلوس معاً والبحث عن حلول مقبولة لخلافاتهم. وقد كنا مباشرين جداً مع أصدقائنا في المجتمع المدني وفي الاحتجاجات في الشوارع بأن فكرة "إسقاط النظام" [قالها بالعربية] ليست استجابة حقيقية للمشاكل، وبأنه يجب أن يكون هناك فكرة تتعدى تغيير القيادة لبناء مؤسسات حكومية يمنية قوية مستقرة وآمنة. فالسؤال الآن هو، إذا غادر الرئيس صالح، فما العمل في اليوم التالي؟

نتفق مع الرئيس واستيعاب الشباب

* صرح الرئيس علي عبد الله صالح في لقاءات متعددة أخيراً، أن الشعب اليمني وليس جهات أخرى، هو الحكم بين الطرفين (المؤتمر والمشترك) عندما يتحاوران ويتناظران، وأن الشعب ضمان تنفيذ مبادرة الإصلاحات التي تقدم بها الرئيس في اجتماع مجلسي النواب والشورى في 2 فبراير- في تصوركم كيف يكون الشعب ضماناً لتنفيذها؟

- هذه نقطة مثيرة للاهتمام. في البدء دعني أكن واضحاً، نحن نتفق مع الرئيس كلياً على تأكيده أن الأمر متروك للشعب اليمني ليقرر قبول أو رفض اتفاق ما. ونحن نعتقد أنه يتعين أن يُنظر إلى نشاط الشباب في الشارع على أنه شيء ايجابي. فهؤلاء الشباب منخرطون في نقاش حول تشكل مجتمعهم في المستقبل، وهذا المجتمع، هو المجتمع الذي سيرثونه وسيكونون مسئولين عنه في نهاية المطاف. وفي الحقيقة أن هؤلاء الشباب مهتمون كثيراً للعب دور في توجيه تطورات المستقبل. ولقد شجعنا في محادثاتنا مع الحكومة والمعارضة على التفكير في كيفية إشراك هؤلاء الشباب في الحوار والمفاوضات -ربما بصفة مراقبين- أو كأشخاص تؤخذ قضاياهم وهمومهم في الاعتبار خلال المفاوضات، وبعدها يتم التفكير في كيفية إبقاء هؤلاء الشباب مشاركين في هذه العملية كلما تقدمت (هذه العملية). فعلى سبيل المثال إشراك هؤلاء الشباب في التحضير للانتخابات وتسجيل الناخبين والقيام بمهام سيتعين انجازاها كلما مضينا قدماً، وكذا إشراكهم في الدور الذي يمكن لهؤلاء الشباب القيام به لجعلهم يشعرون بأنهم جزء من هذه العملية.

مؤشرات إيجابية

* ما تعليقكم على تطورات الأحداث الأخيرة في اليمن، من مبادرة الرئيس مروراً بالتظاهرات المقلِّدة نوعاُ ما حسب وصف البعض، مروراً بوساطات ثم تبشير بعض العلماء -حسب صحف أميركية- بخلافة إسلامية، وقوفاً لدى شارات عودة المعارضة إلى الحوار بوساطة علماء دين ثم معارضة مبادرة الرئيس ذات الثماني نقاط – حيث تقول المعارضة أخيراً أن الحوار مات إكلينيكياً؟

-أعتقد بأن إدراكنا لوضعنا القائم هو أننا نرى شيئا فشيئا تبادل للأفكار حول كيفية حل هذه القضية عبر الحوار والتفاهم السياسي، وكما ذكرت، فقد وضع كل من الرئيس والمعارضة أفكارهم على الطاولة. وهناك بعض الأطراف المحايدة -وهم العلماء، والمشايخ [قالها بالعربية]- الذين يحاولون تضييق الخلافات ذهاباً وإياباً بين الجانبين. وهناك أيضاً جهود للتواصل مع الطلاب والشباب الموجودين في ساحة التغيير. ففي الوقت الراهن، نلاحظ وجود بعض المؤشرات الايجابية بأن الأمور تسير في اتجاه جيد. كما ما يزال هناك، بالطبع، قلق حيال ما قد يحدث إذا لم يتم التوصل لاتفاق: فهل هناك احتمال لحدوث عنف؟ وهل سيقرر أحد الأطراف محاولة استخدام القوة؟ وهذا يشكل مصدر قلق كبير لنا أيضاً وكذلك سبباً لمحاولتنا أن نكون نشطاء جداً في تشجيع الطرفين لمواصلة المحادثات، لأننا نعتقد بأنه في حالة توقف المحادثات فهناك احتمالية وجود عنف. هذا ويوجد الآن العديد من الأفكار المطروحة على الطاولة حول الكيفية التي يجب أن يظهر عليها اليمن في المستقبل. ونحن نتفق مع بعض هذه الأفكار ولا نتفق مع البعض الآخر. ولكن الشيء المهم هو أنه إذا كنت تبني نظاماً ديمقراطياً فعندها يتمتع الناس بالحرية في طرح أفكارهم على الطاولة والسماح لهم بالنظر في هذه الأفكار واتخاذ قراراتهم الخاصة. وإذا كان الناس يريدون أن يقترحوا وجود خلافة إسلامية في اليمن، فدعهم يشكلون حزباً سياسياً ويخوضون الانتخابات وفقاً لهذا البرنامج الانتخابي لمعرفة ما إذا كان الشعب سيؤيد ذلك أم لا. وكما قال الرئيس (صالح): يجب أن تتقرر هذه الأشياء عبر صناديق الاقتراع.

مسؤولية الحكومة في كل الأحوال

* أستحضر هنا ثلاثة تصريحات وبيانات أميركية عما يحدث في اليمن آخرها "الشعب يستحق استجابة أفضل"، وأولها في بيان للسفارة "نشدد على المعارضة لتجنب الأعمال الاستفزازية"، وبينهما "ملاحظة حالة تعارض مع التعهدات بحماية التجمعات السلمية للتعبير عن الرأي"، أستحضر هذا لتحددوا: شكل الاستجابة المستحقة، وما إذا كانت المعارضة تجنبت الاستفزاز لكي تضمن تعهدات حماية حق التعبير عن رأيها، وهل ترون فائدة من تقلب المواقف إزاء الحوار؟


- فيما يتعلق بالبيانات التي أصدرناها، فما حاولنا القيام به هو التعليق عندما نرى أنه من المناسب التعليق علناً حول المستجدات ومشاطرة أفكارنا الخاصة. فأنا أعتقد أن موقفنا ثابت.

* لا ثبات في السياسة!

- (نحن نحاول!) ولكن ذلك ليس من السهل دائماً. هناك مقولة شهيرة لولت وايتمان تقول: "تعتقد أني ناقضت نفسي؟ نعم، لقد ناقضت نفسي"(...) فموقفنا هو أن الناس يتمتعون بالحق المطلق في التظاهر السلمي. وتقع مسؤولية ضمان حماية واحترام هذا الحق على عاتق الحكومة. لكن إذا تجاوزت المظاهرات الاحتجاجات السلمية وبدأت تشمل نوعاً من العنف والمخاطر أو الإضرار بالممتلكات، فعندها تكون هذه المظاهرات قد تجاوزت هذا الحق. كما تقع على الحكومة مسؤولية الحفاظ على النظام والقانون. لذا يجب أن يكون نطاق المظاهرات واسعاً جداً، كما يتوجب على الحكومة أن تكون مرنة جداً بشأن الكيفية التي تتعامل بها مع هذه المظاهرات، كما تقع على المتظاهرين مسؤولية احترام القانون واحترام الآخرين الذين قد لا يتفقون معهم. ولكننا أيضاً أوضحنا أننا لا نعتقد أن المظاهرات هي المكان الذي سيحل فيه مشاكل اليمن. فنحن نعتقد أنه يجب حل المشاكل عبر عملية الحوار والتفاوض. فلا يكفي الحديث عن مطالب الشارع، بل يجب أن يكون هناك نقاشاً عملياً بين الأطراف حول كيفية المضي قدماً في طريق من شأنه حماية مصالح اليمن ومصالح الشعب اليمني في المستقبل. وبخصوص التعليق القائل "نعتقد أن اليمنيين يستحقون رداً أفضل" فقد جاء رداً على تصريحات الرئيس (صالح) حول دور إسرائيل والولايات المتحدة وتل أبيب وغرفة العمليات، فما قلناه هو أنه يجب علينا أن نتحلى بالجدية عند الحديث عن هذه الأمور.

نأمل إجراء الانتخابات في 2011

* لا شك في أن تقوية البرلمان وتطوير قدراته يتحقق بمشاركة كافة القوى السياسية في مواعيد انتخابات منتظمة زمنياً، فهل تأجيل الانتخابات يضمن تقوية البرلمان وتحسين قدراته مستقبلاً؟ وهل تتوقعون إجراء الانتخابات في 2011 أم ليس بعد؟

- (ضحك وقال بالعربية: "إن شاء الله". أعتقد بأن الدستور اليمني ينص على التعامل مع الحالة التي لا تكون فيها الانتخابات واقعية. ونحن بالطبع مقبلون على وضع ستقع فيه المسؤولية على الحكومة للدعوة لإجراء انتخابات في ظل ظروف عادية. وأعتقد أنه في وقت لاحق من هذا الأسبوع، سنكون عند نقطة الستين يوماً (قبل الموعد المحدد للانتخابات). ولكنه من الواضح وفي ظل الظروف الحالية، أنه من غير الواقعي المضي قدماً في عملية الانتخابات في الوقت الراهن. وموقفنا دائماً هو أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشرعية وذات مصداقية أكثر أهمية من إجراء الانتخابات في يوم وتاريخ محدد. لذلك نحن نأمل إجراء انتخابات برلمانية هذا العام، لكن يجب أن تجرى هذه الانتخابات على أساس اتفاق بين الحكومة والمعارضة حول إطار عمل لهذه الانتخابات وكذلك حول التفاصيل. لقد التزم الرئيس (صالح) بإعادة جدولة سجلات الناخبين، وهذا قرار هام من قبل الرئيس نؤيده تماماً، ويتعين انجازه. فهناك العديد من الأعمال التحضيرية التي يتعين اتخاذها قبل أن تتمكنوا من إجراء انتخابات جيدة.

* سعادة السفير قلت انتخابات "حرة ونزيهة" ولم تقل "آمنة".

- أود أن أقول إن الانتخابات "الآمنة" تندرج تحت الانتخابات "ذات المصداقية".

الأنسب يراه اليمنيون

* تدور مناقشات جانبية وسابقة حول تغيير النظام -لا إسقاطه- من رئاسي إلى برلماني- فمن خلال مراقبتكم للأوضاع اليمنية في الولايات المتحدة ترون أيهما الأنسب هنا؟

- نحن نعتقد أن الأنسب لليمن هو ما يراه اليمنيون الأنسب لليمن. وموقفنا دوماً -قبل هذه الأزمة الراهنة بكثير- أنه ليس لدينا أي أراء حول العناصر المحددة لأي اتفاق. فنحن سنقبل أي شيء يلبي رغبات واحتياجات الشعب اليمني.

لا ولم نحكم اليمن

*عودة إلى مسألة المظاهرات، يرفع بعض المتظاهرين المضادين للنظام شعار "لن تحكمنا أميركا بعد اليوم"، شاهدنا هذا في قناة "سهيل"، وسبق أن رُفع شعار معاد يقول "الموت لأميركا"، فما تعليقكم؟

- تعليقنا هو أننا لا نحكم اليمن ولم نحكم اليمن وليست لدينا رغبة في حكم اليمن. والناس يقولون أشياء كثيرة...

القطاع الخاص وأصدقاء اليمن

* كيف تقيِّمون قدرة الحكومة اليمنية على الاستفادة من المعونات الواردة؟ وما هو دور أبناء اليمن بجانب أصدقاء اليمن في صياغة برنامج يلبي احتياجاته والمصالح المشتركة وأيضاً تذليل معوقات الدعم سواءً بيروقراطياً لدى الأصدقاء كما يقول الجانب اليمني أو ذاتياً لدى الأبناء كما يقول جانب الأصدقاء؟

- هل تقصد المساعدات الأمنية؟

* المساعدات بشكلٍ عام...؟

- في الجانب الأمني، أعتقد أن تقييمنا هو أن قدرات قوات الأمن اليمنية آخذة في التحسن. وبالتأكيد هناك استفادة من برامج التدريب والمساعدة. وفي جانب التنمية الاقتصادية، فالتحديات ضخمة بالطبع. وآمل أن تشكل المساعدات التي نقدمها، وتلك التي يقدمها أصدقاء اليمن إسهاماً إيجابياً، لكن علينا أن نفعل أكثر من ذلك ونعمل أطول من ذلك. وبطبيعة الحال رأينا نحن، الأصدقاء والحكومة، أنه بإمكاننا إيجاد أساس للتنمية الاقتصادية وتلبية احتياجات الناس. لكننا لن ننجح إلا إذا جذبنا القطاع الخاص إلى الصورة، ففي نهاية المطاف، القطاع الخاص هو الذي سيستثمر في الاقتصاد وينشئ المصانع ويخلق فرص العمل ويتخذ القرارات التي ستضع اليمن في مسار إيجابي نحو المستقبل. لذلك نحن بحاجة للعمل معاً كأصدقاء وحكومة لخلق مناخ ملائم للاستثمار المحلي والأجنبي.

* "صندوق الثقة" لدعم تنمية اليمن، والذي تتبنى الولايات المتحدة فكرته تزامناً واجتماع أصدقاء اليمن بنيويورك سبتمبر 2010م، والمنتظر إعلانه خلال لقاء الرياض في أواخر مارس 2011م، هلا تفضلتم بشرح آلياته؟

- نحن نأمل أن يتم الإعلان عن "صندوق الثقة"، فمازلنا نعمل بجد في إعداد الترتيبات اللازمة. ونحن نتوقع أن يستمر هذا الصندوق لمدة 5 أعوام بمبلغ 750 مليون دولار. وسيدير البنك الدولي هذا الصندوق، وبطبيعة الحال سنعمل عن كثب مع الحكومة اليمنية في تقرير البرامج أو المشاريع التي ينبغي علينا استخدام هذا الصندوق لتمويلها.

التحديات تتضاعف

* قلتم في لقاء سابق وكررتموها لكن بتعبير آخر إن اليمن ليس دولة فاشلة، ولكنه دولة تحديات - هل يمكنكم تعداد هذه التحديات وسبل مواجهتها وإمكانية تعاون أصدقاء اليمن وأبناء اليمن في ذلك؟

- التحديات تتضاعف (ضحك)، أعتقد بأن هذا ما يزال صحيحاً، وأنت تضيف مزيداً من التحديات لجعل الموضوع أكثر إثارة للاهتمام (...)، وأعتقد أن اجتماع الرياض في نهاية هذا الشهر هو فرصة مهمة لأصدقاء اليمن. ونأمل أنه وفي الوقت الذي سنصل فيه إلى الرياض نمضي قدماً في حل هذه التحديات السياسية الملحة، كما آمل في حالة حدوث ذلك أن نتمكن من استخدام اجتماع الرياض كفرصة للجلوس معاً وإجراء حوارات جادة ومفصلة مع الحكومة اليمنية حول كيفية العمل معاً خلال الأعوام القليلة المقبلة لمعالجة بعض هذه التحديات الجسام -ومرة أخرى- لاسيما التحديات الاقتصادية منها. وهذا يعني -أننا في الفترات السابقة حتى قبل هذا الوضع السياسي الأخير- ركزنا على معالجة بعض مشاكل الماضي حول الانتخابات والدستور والصراع بين المعارضة والحكومة. لكننا نأمل كثيراً أن نتمكن من استخدام اجتماع الرياض كفرصة للتطلع إلى الأمام والتفكير في كيفية مواجهة تحديات المستقبل.

تطور

* إلى أين وصلتم بتعاونكم التدريبي في تمكين السلطات اليمنية للحد من نفوذ القاعدة المخيف للعالم؟

- لقد تطرقنا إلى هذا قبل قليل. أعتقد بأن هناك مكونين لمواجهة "القاعدة" والتطرف هنا في اليمن. المكون الأول هو بالطبع الدور الذي تضطلع به قوات الأمن اليمنية في الحد من قدرة القاعدة على العمل ووضع الخطط والتدريب في اليمن، وكذا شن هجمات ضد الولايات المتحدة واليمن وأصدقائنا. ونحن نعتقد أنه ومن خلال برامجنا التدريبية وبرامج المساعدات والجهود التي يبذلها الجيش وقوات الأمن اليمنية فإن قدرات (القوات اليمنية) آخذةٌ في التحسن، وأن الجهود المبذولة لمكافحة تنظيم القاعدة قد زادت خلال الأعوام القليلة الماضية. لكننا ندرك أيضاً أن حل مشكلة التطرف في اليمن على المدى الطويل -كما هو الحال في أي مكان في العالم- يشمل بالفعل تنمية الشعب اقتصادياً واجتماعياً. فنحن نعتقد بأنه لو كان الناس متفائلين بالمستقبل فلن يدعموا بعض هذه القوى المتطرفة والمدمرة.

مع تأهيل حقيقي

* ما رأيكم في تجربة الحوار مع المتطرفين، الذي أجرته الحكومة مع العائدين من أفغانستان؟

- بصفة عامة، نعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يحظى الأشخاص الذين يرغبون بالنأي بأنفسهم عن الارتباط بالتطرف والعنف بفرصة القيام بذلك. ونحن نؤيد جهود إعادة تأهيل هؤلاء الناس وطرق إعادة دمجهم في مجتمعاتهم المحلية، لكن يجب أن يكون هذا (التأهيل والدمج) حقيقياً. لكن عندما تحاور أناس لم يتخذوا في الحقيقة قرارات أو التزامات للتخلي عن التطرف، فإن ذلك يخلق بلبلةً ومشاكل.

أنا عالق

* نشاطكم منذ وصولكم إيجابي، وتحركاتكم المهمة هادئة وغير مستفزة حتى الآن، زرتم مدن يمنية مهمة، والتقيتم شخصيات مختلفة ويهوداً يمنيين، لماذا في إطار هذه التحركات لم تصلوا بعد إلى مدن الجنوب اليمني، هل متصل هذا بقلق أمني من الحالة هنالك؟

- كلا، في الحقيقة عندما وصلت إلى اليمن طلبت الإذن بزيارة مدينة عدن، إلا أن الحكومة اليمنية شعرت بعدم الارتياح حينها. لكن ما يزال ذلك مطروحاً وبقوة على جدول أعمالي. أخبرت الحكومة اليمنية عن أملي أن تتاح لي الفرصة لزيارة كل المحافظات اليمنية خلال بقائي في اليمن. لكن للأسف، فأنا تقريباً عالق في صنعاء بسبب الوضع الحالي. لكني أتوقع أن أقوم بزيارات أخرى في اليمن بمجرد أن ينتهي هذا الوضع.

* يرى بعض المحللين أن انهيار وحدة اليمن واهتزاز استقرار البلد يُمكن القاعدة من إنشاء دويلتهم الخاصة، ما مدى اتفاقكم مع هذه الرؤية أو اختلافكم معها؟

- يشكل هذا مصدر قلق، فلو حدث انهيار للحوار ومزيد من المشاكل والتحديات الأمنية للحكومة فسيوفر هذا فرصاً للقاعدة لزيادة أنشطتها هنا. نحن لا نعتقد أن هذا قد حدث لكننا نشعر بالقلق حيال ذلك.

الوحدة ليست محل نقاش

* في ذات الصدد يطرح بعض السياسيين الفيدرالية حلاً للمشكلة الجنوبية، وسياسيون آخرون يرونه مقدمة انفصال فيرفضونه بشكل بات، في هذه الحالة هل ترون كمراقب مؤثر طرح مسألة الفيدرالية أمراً مجدياً؟

- بطبيعة الحال، بلدنا (أميركا) هو بلد ذو نظام فيدرالي، منذ مراحله الأولى، ونحن نعتقد أن اليمن يمتلك قانوناً لنظام اللامركزية. ونعتقد بأن القانون والنظام جيدان، ونحن ندعم ذلك. فمن تجربتنا نقول بأنه عندما تقترب الحكومة أكثر من الناس يقوى الدعم الشعبي لهذه الحكومة. ونحن بالتأكيد نفعل ما بوسعنا لدعم تنفيذ خطط الحكومة اليمنية لتحقيق اللامركزية. ولقد أوضحنا دوماً أننا لا نؤيد أي انفصال. فوجهة نظرنا هي أن قرار توحيد اليمن قد اتخذ في عام 1990، وهو قرارا نهائي وغير قابل للنقاش.

* أترون في الشارع العربي محاكاةً للشعار الذي رفعه الديمقراطيون أثناء حملة الرئيس أوباما: "التغيير يمكننا الإيمان به" بأن "التغيير يمكننا إحداثه" لكنه غير محسوب العواقب؟

- (ضحك).. صحيح، هذا صحيح تماماً. وللتوضيح أقول أن موقف الولايات المتحدة هو أننا ندعم التغيير. نحن ندعم الإصلاحات الدستورية والقانونية. لذلك، فالقضية الوحيدة بالنسبة لنا هي ليست حدوث التغيير أو عدم حدوثه، بل كيفية حدوث التغيير. فنحن نؤمن بالتغيير الذي يتم عبر عملية تفاوض كفيلة بالرد على تساؤلات حول معنى التغيير عندما يحدث.

* في الأخير رسائل قصيرة نود نقلها منكم في ختام المقابلة إلى كل من أصدقاء اليمن والإدارة الأميركية في اجتماع الرياض، وللسلطة والمعارضة اليمنية، وللشعب بما فيه الشباب اليمني، ماذا تقول فيها؟

- أعتقد بأن الرسالة التي أوجهها هي أن الولايات المتحدة تقف وبقوة بجانب الشعب اليمني في محاولة معالجة هذه التحديات الجسام. فنحن ندعم مطالب التغيير. ونعتقد أن التغيير يجب أن يأتي عبر عملية حوار وتفاوض سلمية. وينبغي أن يكون ذلك شيئاً يضع اليمن وبقوة على المسار الذي يقوده إلى مستقبل جيد وإيجابي. وستبذل الولايات المتحدة كل ما بوسعها لدعم عملية التغيير هذه. وحول أصدقاء اليمن، نأمل أن نتمكن عندما نجتمع في الرياض في نهاية مارس، من أن نجري حواراً ايجابياً حول الكيفية التي يمكن لأصدقاء اليمن عبرها دعم الحكومة اليمنية والشعب اليمني في تحقيق أهدافهم.


المصدر : سبأ
طباعة          إرسال لصديق
الأرشيف
 
ملايين اليمنيين شاركوا في جمعة الحكمة اليمانية في
احتشد الملايين من أبناء الشعب اليمني العظيم اليوم في الساحات والميادين العامة في أمانة العاصمة وعموم محافظات الجمهورية، في جمعة " الحكمة اليمانية" ، لتأكيد حكمة الشعب اليمني المستمدة من قيم ومبادئ وأخلاقيات الشريعة الإسلامية السمحة التي تدعو إلى المحبة والإخاء والتآلف ولم شمل ذات البين ونبذ كل عوامل التفرقة والشتات والشحناء. ...المزيد


تقارير و اخبار ثقافية

...المزيد
تصميم وبرمجة : عربي بزنس
عدد الزوار 27466396
Too many connections